أشتاق إلى الله
بسم الله والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد
نسى ربه كثيرا، وبارز بالمعاصي طويلا، وعاند وكابر من به بصيرا، إلى أن ذهب إلى هناك، ووقع بصره على البيت، فدبت فيه الحياة، ووقف بعرفة فدعا ربه ورجاه، وذبح الهدي فذبح معه هواه، ورمى الشيطان بالجمرات فقصم ظهره وأخزاه، فعاد أخيرا يبكي من الفرح إلى رحاب مولاه.
استثر الشوق إلى الله، فإنه الدافع لتتعجل إليه لترضيه، فعش اليوم هذه العبودية (عبودية الشوق) عساك تبلغ بقلبك ما لا تستطيعه ببدنك.
تخيل أنك ستزور رب البيت لا البيت، وتطلب القرب من الغفَّار لا من الأحجار، وتخيل مدى الحرمان إذا كنت ممن لا يفدون إليه.
قال الله في الحديث القدسي: «إنَّ عبدًا أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليَّ لمحروم» [الراوي: أبو سعيد الخدري و أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: -1662- خلاصة الدرجة: صحيح بمجموع طرقه]، نعم... لا يفد إليَّ فالحاج يرتحل إلى الله تعالى.
وأنت حين تزوره في بيته لا تراه، فقم قيام موسى عليه السلام وقلبه يضطرب شوقاً: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [سورة الأعراف:143].
واعلم أنك ستراه بإذن الله حين يكشف الحجاب، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى: "تريدون شيئا أزيدكم؟"، فيقولون: "ألم تبيض وجوهنا؟، ألم تدخلنا الجنة و تنجنا من النار؟"، فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم» [رواه مسلم].
أما تشتاق إلى بيت ربك الذي جعل {مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [سورة البقرة: 125].
حج سفيان بن عيينة ثمانين حجة، وكان من شدة شوقه يناجي ربه فيقول كل مرة: "اللهم لا تجعله آخر العهد بك"، حتى كان العام الذي توفي فيه، لم يقلها فسألوه فقال: "قد استحييت من ربي".
وخرجت أم أيمن زوجة أبي علي الروذباري من مصر وقت خروج الحجيج، ورأت مواكبهم فصرخت: "واضعفاه... واعجزاه .. واحسرتاه"، ثم زاد بكاؤها وعلا نحيبها أكثر وأكثر وهي تقول: "هذه حسرة من انقطع عن البيت، فكيف تكون حسرة من انقطع عن رب البيت؟".
كان بعضهم إلى رأى الحجيج ضج في البكاء قائلا: "لو كنت أصلح لهذه المنزلة لكنت في الصُحبة" (اللهم لا تحرمنا لذة القرب منك).
استنهض الشوق:
(1) بسماع أذان الخليل: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق} [ الحج :27 ].
(2) باستحضار موقف الرؤية يوم القيامة وعدم احتمال الحرمان هنالك، كفى أننا محرومون منه في الدنيا فهل تطيق بعاد {لَن تَرَانِي} [سورة الأعراف: 143]، وعقاب {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [سورة المطففين: 15].
(3) أكثر من ذكره تعالى، وألح على ربك بالحبيبتين: "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" لتغرس الحب والشوق في قلبك.
(4) نريد أن تختم ختمة من الآن وقبيل انتهاء شهر ذو القعده بنية تعميق الحب في قلبك، قال صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف» [الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 2342- خلاصة الدرجة: إسناده حسن].
تم تخريج الأحاديث من موقع الدرر السنية
http://www.wathakker.com/show_articl...vey=300&id=602[/size]
منقول